♕ رواية .. تبادل ج1 ♕ بقلم الأديب : رضا الحسيني

 رواية .. ( تبادل ) رضا الحسيني _ 1 _

في صباح اليوم الأول من صمت المدافع بغزة بعد طوفان الأقصى ، جلستُ كغيري من الملايين أمام شاشة تلفازي الكبيرة ، أنا سمير عبد الغني المحال للمعاش العام الماضي وهذه زوجتي ليلى حمدان التي تصغرني بتسع سنوات ، وعندنا ولد واحد منذ تزوج من خمس سنوات لم يزورنا إلا قليلا ، فلا نرى ولديه كثيرا

أجلس هنا منذ صباح السابع من أكتوبر من هذا العام الرهيب في غرفة الأنتريه المجهَّزة للتلفاز والطعام ، على يميني منظر طبيعي بحجم الجدار لحديقة قصر كبيرة وبديعة تبعث على الهدوء والاسترخاء والحلم ، وحولي المقاعد البسيطة الرقيقة بألوانها الزرقاء مع البيج المشجر بوردات زرقاء صغيرة ، الشاشة الكبيرة أمامي على الجدار ، وبالغرفة توجد أنظمة إضاءة مختلفة من أباجورة ونجفة ثلاثية اللمبات وطبقين من النور الأبيض بالإضافة للمبة جانبية متوسطة تعمل فقط وقت الطعام وتتوسط الغرفة سجادة زرقاء بوردات بنية صغيرة ، خلفي نافذة تتدلى عليها ستارتان باللونين الأزرق والبيج ، ومثلهما على باب البلكونة المجاور للشاشة ، والحجرة ذات باب خشبي بمربعات زجاجية عرضه ثلاثة أمتار ، وهذه الغرفة تمتاز بأنها تجعلني على صلة تامة بمايحدث بالشارع ، وبمايحدث في المنور خلفي الذي تطل عليه كل شقق العمارة ، فتأتيني بعض روائح الأطعمة

لا أعلم كم مر من الوقت وأنا أجلس هكذا أنتظر رؤية مشاهد تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل ، أغلب قنوات التلفاز تنتظر مثلي نقل المشاهد ، انتشرت الكاميرات بمكانين ، أمام سجن عوفر ببلدة بيتونيا في الضفة الغربية حيث سيخرج الأسرى الفلسطينين ، وأمام معبر رفح على الحدود المصرية حيث ستصل قافلة الصليب الأحمر تحمل المحتجزين الإسرائيلين لدى حماس .

لا أعلم كم شربت من القهوة والشاي والعصير ، ولا كم مرة تناولت أطعمة ، فقط كنت متفرغا للأمر الأهم ، لحظة التبادل ، الكثيرون من المذيعيين والمحلليين تناوبوا بكل القنوات على توضيح أمر واحد فقط ، هذا الحدث يعتبر انتصارا لأي الطرفين المتحاربين ؟ كان الإجماع الساحق يعبر عن انتصار حماس ، استندوا جميعا لأمور واقعية منطقية ، فحماس برأيهم مجموعة مسلحة محاصَرة من سنوات طويلة تقوم بتصنيع أسلحة بسيطة تحت الأرض في أنفاقها وبأقل الامكانات ولا يساندها غير إيران في الخفاء وبشكل بسيط ، وإسرائيل بجيشها الذي تقول أنه لايُقهر الكامل العدد والعتاد وتساندها أمريكا بشكل كامل وكثير من الدول الغربية ، ولمدة سبعة وأربعين يوم تدك قطاع غزة بكل أنواع الأسلحة برا وبحرا وجوا ، ورغم كل ذلك لم تتمكن من الوصول لمكان احتجاز حماس للرهائن المحتجزين منذ السابع من أكتوبر ، كنت مع هذا الرأي بالتأكيد بلا عاطفة أو انحياز مغلوط أو لأنني فقط أميل لفكرة التحرر بالمقاومة ، فأنا على يقين تام بأن إسرائيل لاتفهم إلا لغة واحدة ، لغة القوة ، لكي تسمعك يجب أن تكون قويا ، تُناطح قوتها بقوتك ، عندئذ فقط تنتبه كثيرا للصوت القادم من ناحيتك ، فلا السياسة ولا المظاهرات ولا الاتفاقيات تؤدي معها لنتيجة إلا بعد أن تضعها قوتك تحت الضغط ، هذا مافعلته حماس منذ فجر طوفان الأقصى .

غدا نستكمل التبادل




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

♕ عاااااارب ♕ بقلم الشاعر : طارق سليمان

♕ يا أنت ♕ بقلم الشاعرة : Meme Rahima

♕ ليس عربيا أنادي ♕ بقلم الشاعر : عصام جمال